دعوة أقارب المريض:
وينطبق عليهم ما ذكر آنفاً ، إضافة إلى وجوب حرص الطبيب على الجلوس معهم ومقابلتهم لشرح حالة المريض لهم ، وبالتالي التأثير عليهم من خلال مناصحتهم (29).
كيف تدعو العاملين في المستشفى..؟
والمقصود غير الأطباء من ممرضين وفنيين وإداريين وسائقين وغيرهم ، وهناك أمور منها(30) :
• مراعاة التركيز على كل الطبقات ، فلا ينبغي استصغار أحد لجنسه أو وظيفته أو غير ذلك.
• الاهتمام برؤساء الأقسام ممن فيهم سيما الصلاح ، لأنهم أهل الحل والربط ، وقد ينفع الله بهم من خلال تعميم لا يكلف بضع دقائق مما يوفر الجهد والوقت.
• الاهتمام بغير المسلمين بدعوتهم وتقديم الكتب والأشرطة إليهم ، ومعاملتهم معاملة تقربهم إلى الإسلام ، ولا تنفرهم منه بضوابطها الشرعية ، وقد أثمرت هذه الجهود في كثير من المستشفيات ، ورأينا أن الكثير من هؤلاء العاملين قد دخلوا في الدين الله أفواجاً ، ويكفي قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) (*).
• الحذر عند التعامل مع النساء ، من المبالغة في التحادث بحجة الدعوة أو حتى العمل الطبي ، مما قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه من معاصٍ وفتن أو سوء فهم.
دعوة الإدارة
وهم كما قال -صلى الله عليه وسلم- : (( إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)) وبيدهم - بعد الله - الإصلاح أو التسبب في الفساد العريض ، لذا كان من الواجب الاهتمام بدعوتهم من خلال الكتابة لهم ونصحهم مع استخدام أسلوب مناسب مع المترددين منهم ، وينبغي أن يشارك في هذا الأمر كل غيور على دينه حريص على دنياه وآخرته ، مع استخدام أسلوب التخويف بالله والترغيب فيما عنده ، أما الصالحون من الإداريين فينبغي التحبب إليهم ومساعدتهم والوقوف بجانبهم ودعمهم معنوياً (31). والحرص على شكرهم وتشجيعهم عند إصدارهم أي قرارات إيجابية .
دعـــوة بلا حـــدود
أطباء بلا حدود التي تجوب الأرض، من أقصاها إلى أقصاها، تنشر مبادئها وأوبئتها ، ليست بأحسن حال من الطبيب المسلم الداعية الموحّد الذي يملك جناناً متقداً وحماسة للعمل الدعوي لا حدود لها ، فينبغي له أن يتجاوز حدود مشفاه ومدينته ودولته في عمله الطبي الدعوي بشكل لا يطغى على واجباته الطبية والأسرية.
ويمكن للطبيب أن يجعل يوماً في الأسبوع أو الأسبوعين للمبرّات الخيرية ، عبارة عن عمل إنساني في عيادة مصغّرة، فلعل الله أن ينفع بها خاصّة وأن أكثر الأمراض والمعاصي الفتّاكة من مخدرات و غيرها تكون في الفقراء، فتكون زكاة علمٍ لعلّ الله أن ينفع به(32) . ويمكنه كذلك أن يخصص أسبوعين في السّنة للدعوة والطب في الأقطار المحتاجة للإغاثة والعلاج والدّعوة.
كم هو جديرٌ أن ينهض عددٌ من الأطباء للتخطيط لمشروع المستشفى الطبي الطائر ضمن مؤسسة خيرية رسمية، وأن يعدّوا دراسة متكاملة عنه، ثم يكوّنوا له هيئة استشارية ومجلس إدارة ، وعدداً من الدعاة ، وفريقاً طبياً في مختلف التخصصات، ثم يعد ترتيب محدد لزيارة البلدان الفقيرة وغير الفقيرة في أصقاع الدنيا ، مع الاستفادة من خبرة رابطة العالم الإسلامي ومكاتبها و المؤسسات الإسلامية الخيرية الأخرى، ويتم من خلال هذا المشروع تقديم الخدمات الطبية والدعوية، ليتحقق من خلال ذلك دعوة غير المسلمين، وإن كانوا مسلمين أغنوهم عن منّة النصارى وابتزازهم ، وجنّبوهم التشكيك في الدّين والصدّ عنه(33).
فن تغييـــر المنـــكر
عندما يرى الطبيب المسلم منكراً من المنكرات في المستشفى أو في محيط عمله أو في طريقه فإنه يتذكر واجباً شرعياً وركناً أساسياً وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيسعى في إنكار المنكر بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه بشرط أن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة والتزام الرفق واللين والبعد عن الغلظة ورفع الأصوات وإثارة الآخرين ، وألا يترتب على ذلك مفسدة ، فالمسلم مأمور بالتوجيه والإرشاد وليس عليه تحقيق النتائج فإن التوفيق والهداية بيد الله عز وجل(34).
وهذا الجانب يحتاج إلى فقه الداعية في أساليب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وألا تترك هذه إلى اجتهادات شخصية بل يجب أن يكون ذلك وفق أدب وأخلاق المسلم المتفقه في دينه الذي يدعو إلى الله على بصيرة، ولعل مما يساعد على ذلك ما أنشأته وزارة الصحة حديثاً من مكاتب دينية في المستشفيات للقيام ببعض هذه المهمات وفق أسس وأنظمة المستشفى حتى لا يترتب على ذلك مفاسد(35) .